طريقة الدخول

بحث

تصويتنا

تقييمك لمحتوى صحيفتنا
مجموع الردود: 5

دردشة-مصغرة

200

إحصائية


المتواجدون الآن: 1
زوار: 1
مستخدمين: 0

بحث





الخميس, 25.04.2024, 2:26 PM
أهلاً بك ضيف | RSS
الرئيسية | التسجيل | دخول
المقالات


الرئيسية » مقالات » مقالات هيئة التحرير

الثورة التونسية بين جزر الشيوخ ومد الشباب

الشيوخ في هذا المقال هم زعماء المعارضة التونسية الذين تصدروا بالأمس العمل السياسي المستقل وقدموا أنفسهم طليعة للمجتمع يبشرونه بثورة تعصف بالموجود وبجنة تحقق المنشود. 
وهم الذين يقدمون أنفسهم اليوم أيضا لقيادة الحياة السياسية الراهنة والمستقبلية رغم ما كان لهم من حسابات خاطئة وما عاشوا من إخفاقات متلاحقة.
أما الشباب فهم ذلك الجيل الذي اصطدم بالأمس مع الشيوخ فهجر هياكلهم وشكل وعيه بعيدا عن خيامهم الحزبية وشعاراتهم السياسوية وقاد اليوم ثورته النموذجية التي فتحت للتونسيين أفقا جديدا للحياة الكريمة وأحيت فيهم أملا طالما فقدوه وحققت لهم حلما طالما راودهم.
ويبدو لي ضروريا الوقوفُ عند طبيعة العلاقة السياسية بين هذين الطرفين،أعني بين الشيوخ والشباب خلال فترتي ما قبل ثورة 14جانفي 2011 وما بعدها لاستخلاص الدروس المساعدة على فهم المرحلة الراهنة وبالتالي على الأخذ بالأسباب الصحيحة في بناء حياة أفضل للتونسيين.

شيوخ العمل السياسي في ما قبل  الثورة

لقد هيمن شيوخ العمل السياسي المستقل على الحياة السياسية في مرحلة ما قبل ثورة 14 جانفي واحتكروا قيادة أحزابهم السياسية على اختلاف مشاربها وألوانها العقائدية والأيديولوجية ولطالما تعالت أصواتهم بخطابات نارية صدامية طوباوية ولكم أطنبوا في تقديم الوعود الجميلة والعهود الغليظة بتحقيق أحلام التونسيين في الثورة على الظلم السياسي والفساد الاجتماعي والاختلال الاقتصادي وإرساء نظام نظام العدل والمساواة والحرية وإقامة الوحدة العربية أو الاسلامية أو الأممية مرتكزين إلى مشاريع عقائدية وايديولوجية وافدة ومسقطة على الواقع التونسي دون مراعاة للخصوصيات المجتمعية والحضارية ومقتضيات التكييف والتبيئة.
وفي نظرة متأملة لتلك المرحلة نلاحظ أن العمل السياسي للشيوخ قد اتسم بجملة من السمات لعل أهمها:
ـ الاستقطاب الايديولوجي والصراع العقائدي وتصنيف التونسيين إلى تقدميين ورجعيين وإلى مؤمنين وكفار، وإلى ثوريين وإصلاحيين وإلى وطنيين وخونة.
ـ اعتماد الطابع الفردي أو العائلي في إدارة الهياكل الحزبية وفي توجيه منتسبيها وما ترتب عن ذلك من فرملة للشباب وصد لمحاولاته في التطوير والتجديد والتجاوز باسم مقاومة التنطع والتهور وفقدان الخبرة وبعد النظر.
ـ اتباع نفس الآليات في التحليل السياسي ونفس الوسائل في الممارسة الميدانية رغم تغير الأحوال وتبدل الوقائع. 
ـ محورة العمل السياسي على مسألة إسقاط نظام الحكم بكل الوسائل المتاحة والتهميش شبه الكامل للقضايا الاجتماعية المتراكمة.

 لقد أفقد هؤلاء الشيوخ أحزابهم بهذا السلوك قدرتها على التأطير والتعبئة والتغيير حين همشوا شبابهم واغتربوا عن مواطنيهم وتحولوا مع الأيام إلى مجرد مجموعات للضغط لا قدرة لها على التأثير وعجزوا بالنهاية عن تحقيق الثورة التي لوحوا بها وأخلفوا وعودهم بإقامة العدل والحرية والكرامة للتونسيين وهو ما خلق حالة من اليأس من إمكانيات التغيير السياسي والاجتماعي.

الشباب في ما قبل الثورة التونسية

لقد تجاوب الشباب التونسي مع وعود شيوخ العمل السياسي المستقل في مرحلة ما قبل الثورة وصدقوا أقوالهم وتحركوا باندفاع وحماس في أروقة الجامعات وساحات النقابات من أجل تجسيد ما حُفّظوا من نظريات ثورية وتعرضوا للهرسلة والاعتقال والتعذيب فاستُنزفوا وذهبت ريحهم وقد وقفوا عند طوباوية خطاب الشيوخ ومثالية أهدافهم وعلى الطابع الفردي أو العائلي لأحزابهم واختاروا مغادرتها وإعادة تشكيل وعيهم وتفعيل ممارستهم خارج سائر الأطر الحزبية وانخرطوا في نضال افتراضي مستفيدين مما أتاحته لهم الوسائل الاتصالية الحديثة من إمكانيات ثمينة وهو ما أهلهم لاحقا لإطلاق ثورتهم المجيدة وإسقاط واحد من أعتى الأنظمة الديكتاتورية في الوطن العربي.

الشيوخ في ما بعد الثورة التونسية

لما كان شيوخ العمل السياسي يتحركون على هامش الواقع في قطيعة مع الشباب وسائر المواطنين فاجأتهم الثورة حين اندلعت وأربكتهم حين اشتدت فجاءت مواقفهم محكومة بالتردد والحذر ويوم حدوث المعجزة بسقوط الطاغية زين العابدين بن علي سارعوا إلى جلب الأضواء الإعلامية والتموقع في صدارة الأحداث حفظا لماء الوجه أو طمعا في نصيب من كعكة السلطة. إذ تهافت البعض على الحكومة وعمل ما في وسعه للفوز بحقيبة وزارية وسارع آخرون إلى النزول من أبراجهم والتواجد بين الجماهير الثائرة رغبة في ركوبها وقيادتها فلفظتهم وعرت انتهازيتهم وانصرف آخرون إلى اختراع الهيئات واللجان للمناورة السياسية والحديث باسم الثورة من دون تفويض من شباب الثورة.

وبالتوازي مع ذلك أقبل هؤلاء الشيوخ على الدعاية السياسية لذواتهم فأقاموا الحفلات الفنية والندوات الخطابية في الفضاءات والساحات العمومية وتوافدوا على الجهات في قوافل استعراضية يغازلون شباب الثورة اليانع ويخطبون ود الفقراء والمحرومين والمهمشين والمضطهدين والمنسيين في دعاية انتخابية مكشوفة سابقة لآجالها القانونية وخارجة عن ظوابطها الأخلاقية متمترسين بأساليبهم القديمة في الاستقطاب الايديولوجي والصراع العقائدي مدعين العفة السياسية والشرعية النضالية في أحقية قيادة التونسيين وتأمين مستقبلهم دون أن يكلفوا أنفسهم عناء الالتصاق بالمواطنين وإشاعة الوعي بينهم وتعبئتهم من أجل ضبط الأمن العام وضمان الظروف الملائمة لتجسيم الانتقال الديمقراطي.

الشباب في ما بعد الثورة

لئن نجح الشباب في تحقيق حلم أجيال متعاقبة من التونسيين في الثورة على نظام الاستبداد ورابطوا وصابروا للمحافظة على استمراريتها وحمايتها من الانتكاس فقد بدا مفتقرا للتكوين السياسي وللخبرة الميدانية الكافيين لفرض أنفسهم طرفا أساسيا في صنع القرارت السياسية الكفيلة بتجسيم أهداف الثورة في العدل والحرية والكرامة والرفاه.
 ولمّا لم يكونوا منسجمين مع اللغة الخشبية للشيوخ ومع خطاباتهم الرتيبة، ولماّ لم يكونوا مرتاحين لمناوراتهم السياسية وحروبهم العقائدية والأديولوجية فقد اختار بعضهم الانخراط في أحزاب حديثة النشأة بينما تشكل آخرون في كيانات سياسية شبابية فاقدة للوضوح في الرؤية السياسية وللخبرة الميدانية.

الشباب عماد المستقبل

إن ظاهرة الجفاء والبرود والقطيعة بين شيوخ العمل السياسي وشباب الثورة في مرحلتي ما قبل الثورة وما بعدها تضعنا أمام الحقائق التالية:

ـ إن شباب الثورة قد فقد ثقته بشيوخ العمل السياسي وهو اليوم لحريص على إقامة سياسة جديدة تنسيه ويلات الماضي وإخفاقاته.
ـ إن شيوخ العمل السياسي الذين فشلوا في تحقيق ما وعدوا به في مرحلة ما قبل الثورة غير مؤهلين اليوم لتصدر العمل السياسي وصنع ربيع التونسيين.
ـ إن الشباب الذي نجح بامتياز في تحقيق ثورة سلمية حولت الأحلام إلى واقع والأماني إلى حقائق لهو جدير بالقيادة والريادة في تحقيق غد مشرق للتونسيين
ـ إن مرحلة ما بعد الثورة لا يمكن أن يبنيها إلا شباب الثورة وأن الاستمرار في تهميشه وإقصائه من دائرة صنع القرار الوطني واستخدامه من قبل شيوخ الأحزاب ديكورا سياسيا ووقودا لحملاتهم الانتخابية يعد شدا إلى الوراء وتعطيلا لعجلة الإصلاح الشامل.

هذه الحقائق تدعو شيوخ الأحزاب إلى التخلي عن نزعاتهم الزعاماتية والعائلية في قيادة أحزابهم والانكفاء إلى الخلف لإتاحة المجال أمام الجيل الثاني والجيل الثالث ليلعبا دورا طلائعيا وبروح العصر في نسج خيوط المستقبل والقطع النهائي مع خيبات مرحلة ما قبل الثورة وويلاتها.
إن تشبيب الحياة السياسية سيعطي البلاد روحا عظيمة من الحيوية والطاقة والحماسة والفاعلية بما يساعد على تحقيق أهداف الثورة في العدالة والحرية والتنمية والارتقاء بالوطن إلى مصاف الدول المتقدمة.
أما الارتهان لمنطق المرحلة البائدة وفلسفة شيوخها من السياسيين فإنه يعطل عجلة الإصلاح ويضيع فرص التنمية.
فهل يفهم شيوخ الأمس واليوم رسالة شباب الثورة في ضرورة طي صفحة الماضي بإخفاقاته وديكتاتوريته فيغربوا عن وجوههم من سطح المشهد السياسي الحالي؟.
       أم سيستمرون في جزرهم وشدهم وغرورهم وعنادهم ويربكون مد الشباب وتحفزه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا؟.

..

الفئة: مقالات هيئة التحرير | أضاف: alain (07.07.2011) | الكاتب: جيلاني العبدلي E W
مشاهده: 1332 | الترتيب: 0.0/0
مجموع المقالات: 0
إضافة تعليق يستطيع فقط المستخدمون المسجلون
[ التسجيل | دخول ]

Copyright MyCorp © 2024